لقد شق على المسلمين قول الله تعالى لهم :
( من يعمل سوء يجز به . ولا يجد من دون الله ولياً ولا نصيراً ) 123 النساء
فقد كانوا يعرفون طبيعة النفس البشرية ، ويعرفون أنها لابد أن تعمل سوءاً مهما صلحت ، ومهما عملت من حسنات .
** قال الأمام احمد : حدثنا عبد الله أبن النمير ، حدثنا أسماعيل ، عن أبو بكر أبى زهير قال :
أخبرت أن أبا بكر ـ رضى الله عنه قال : يارسول الله .. كيف الفلاح بعد هذه الآية ( ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب ، من يعمل سوء يجز به ) ؟ فكل سوء عملناه جزينا به :: فقال النبى ـ صلى الله عليه وسلم :
[ غفر الله لك ياأبا بكر .. ألست تمرض ؟ ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ ]
قال : بلى :: قال : [ فهو ماتجزون به ]
رواه الحاكم عن طريق سفيان الثورى عن أسماعيل
**
روى أبو بكر أبن مردويه ـ بإسناده ـ إلى أبن عمر ، يحدث عن أبى بكر الصديق , قال :
كنت عند النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنزلت هذه الآية : ( من يعمل سوء يجز به ، ولا يجد من دون الله ولياً ولا نصيراً ) فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
[ ياأبا بكر ألا أقرئك آية نزلت علىَّ ؟ قال : قلت : يارسول الله فأقرأنيها // فلا أعلم أنى قد وجدت إنفصاماً فى ظهرى ، حتى تمطيت لها ! فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
[ مالك ياأبا بكر ؟ فقلت : بأبى أنت وأمى يارسول الله ! وأينا لم يعمل السوء ، وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ! فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : [ أما أنت ياأبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون بذلك فى الدنيا ، حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب ، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة ] وكذا رواه الترمذى .
** وروى أبن أبى حاتم ـبإسناده ـ عن عائشة ـ رضى الله عنها : قلت : يارسول الله إنى لأعلم أشد آية فى القرآن .. فقال : [ ماهى ياعائشة ] قلت : ( من يعمل سوء يجز به ) فقال : [ مايصيب العبد المؤمن ، حتى النكبة ينكبها ] رواه أبن جرير
** روى مسلم والترمذى والنسائى من حديث سفيان أبن عيينة ـ بإسناده ـ عن أبى هريرة ـ قال :
لما نزلت ( من يعمل سوء يجز به ) شق ذلك على المسلمين .. فقال لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : [ سددوا وقاربوا فإن فى كل مايصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها ]
** قال ابن القيم الجوزية (رحمه الله) من احب أن يقابل الله اساءته بالاحسان "فليقابل هو اساءة الناس بالاحسان ومن علم ان الذنوب والاساءة لازمة للإنسان لم تعظم عنده اساءة الناس إليه، فليتأمل هو حاله مع الله كيف هي مع فرط احسانه؟ وحاجته هو إلى ربه"
** وقال أيضاً فليعامل العبد بني جنسه في اساءتهم إليه وزلاتهم معه بما يحب أن يعامله الله به في اساءته وزلاته وذنوبه، فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه، ومن سامح اخاه في اساءته إليه سامحه في سيئاته، ومن اغض وتجاوز تجاوز الله عنه ومن استعصى استعصى الله عليه.
اللهم أغفر لنا وأرحمنا وتوفنا مع الصالحين ، وصل اللهم على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه وسلم .