المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.. والواقع المرير
في هذه الأيام انتشر القتل وسفك الدماء والاعتداء على أموال المسلمين سواء من قبل الأنظمة والحكام على الشعوب ، أو من بعض أفراد الأمة على بعضهم البعض ، والكل يسيره الهوى والشيطان لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة .. وهذا من أشد ما يخالف به الإنسان دين الله تعالى وشرعه
وما هذا النتاج الخبيث إلا بسبب البعد عن تعاليم الإسلام .. فلطالما حاربت الأنظمة الإسلام وشرائعه ورمت أهله بالتطرف .. حتى انسلخ الناس من دينهم فانقلب الأمر على الجميع وأصبحت الدماء والأعراض والأموال لا حرمة لها
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ))[1]
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال :
(( إِنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ))[2]
عن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قال :
(( وَرَبّ هَذِهِ الْبَنِيَّة لَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : الْمُهَاجِر مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَات , وَالْمُسْلِم مَنْ سَلِمَ النَّاس مِنْ لِسَانه وَيَده ))[3]
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( تَدْرُونَ مَنْ الْمُسْلِمُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ قَالَ : تَدْرُونَ مَنْ الْمُؤْمِنُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ فَاجْتَنَبَهُ ))[4]
عن جابر سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ))[5]
عَنْ جَابِرٍ قَالَ :
(( قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ ))[6]
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ :
(( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ .. وعنه قَالَ : (( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ .. فَذَكَرَ مِثْلَهُ ))[7]
عَنْ أَنَسٍ بن مَالِكٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ))[8]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( الْمُسْلِمُ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُؤْمِنُ : مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ))[9]
قال الحافظ ابن حجر :
(الْمُسْلِم) قِيلَ الأَلِف وَاللام فِيهِ لِلْكَمَالِ نَحْو زَيْد الرَّجُل أَيْ : الْكَامِل فِي الرُّجُولِيَّة .
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِم أَنَّ مَنْ اِتَّصَفَ بِهَذَا خَاصَّة كَانَ كَامِلاً . وَيُجَاب بِأَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مُرَاعَاة بَاقِي الأَرْكَان .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد أَفْضَل الْمُسْلِمِينَ مَنْ جَمَعَ إِلَى أَدَاء حُقُوق اللَّه تَعَالَى أَدَاء حُقُوق الْمُسْلِمِينَ . اِنْتَهَى .
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ أَنْ يُبَيِّن عَلامَة الْمُسْلِم الَّتِي يُسْتَدَلّ بِهَا عَلَى إِسْلامه وَهِيَ سَلامَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ لِسَانه وَيَده .
( تَنْبِيه ) :ذِكْر الْمُسْلِمِينَ هُنَا خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب ; لأَنَّ مُحَافَظَة الْمُسْلِم عَلَى كَفّ الأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِم أَشَدّ تَأْكِيدًا ; وَلأَنَّ الْكُفَّار بِصَدَدِ أَنْ يُقَاتِلُوا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحِبّ الْكَفّ عَنْهُ . وَالْإِتْيَان بِجَمْعِ التَّذْكِير لِلتَّغْلِيبِ , فَإِنَّ الْمُسْلِمَات يَدْخُلْنَ فِي ذَلِكَ .
وَخَصَّ اللِّسَان بِالذِّكْرِ لأَنَّهُ الْمُعَبِّر عَمَّا فِي النَّفْس , وَهَكَذَا الْيَد لأَنَّ أَكْثَر الأَفْعَال بِهَا
وَفِي التَّعْبِير بِاللِّسَانِ دُون الْقَوْل نُكْتَة : فَيَدْخُل فِيهِ مَنْ أَخْرَجَ لِسَانه عَلَى سَبِيل الِاسْتِهْزَاء .
وَفِي ذِكْر الْيَد دُون غَيْرهَا مِنْ الْجَوَارِح نُكْتَة : فَيَدْخُل فِيهَا الْيَد الْمَعْنَوِيَّة كَالاسْتِيلاءِ عَلَى حَقّ الْغَيْر بِغَيْرِ حَقّ .
والْهِجْرَة ضَرْبَانِ : ظَاهِرَة وَبَاطِنَة .
فَالْبَاطِنَة :تَرْك مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّفْس الأَمَّارَة بِالسُّوءِ وَالشَّيْطَان .
وَالظَّاهِرَة :الْفِرَار بِالدِّينِ مِنْ الْفِتَن .
وحَقِيقَة الْهِجْرَة تَحْصُل لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ , فَاشْتَمَلَتْ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ عَلَى جَوَامِع مِنْ مَعَانِي الْحِكَم وَالأَحْكَام .
وَالْمُرَاد بِالنَّاسِ هُنَا الْمُسْلِمُونَ كَمَا فِي الْحَدِيث الْمَوْصُول , فَهُمْ النَّاس حَقِيقَة عِنْد الإِطْلاق ; لأَنَّ الإِطْلاق يُحْمَل عَلَى الْكَامِل , وَلا كَمَال فِي غَيْر الْمُسْلِمِينَ .
وَيُمْكِن حَمْله عَلَى عُمُومه عَلَى إِرَادَة شَرْط وَهُوَ إِلا بِحَقٍّ , مَعَ أَنَّ إِرَادَة هَذَا الشَّرْط مُتَعَيِّنَة عَلَى كُلّ حَال , لِمَا قَدَّمْته مِنْ اِسْتِثْنَاء إِقَامَة الْحُدُود عَلَى الْمُسْلِم . وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .[10]
[1]رواه البخاري في الإيمان باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه (10) ، والنسائي في الإيمان (4910) ، وأبو داود في الجهاد (2122) ، وأحمد (6515) ، والدارمي في الرقاق (2600) .
[2]رواه مسلم في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (57) ، وأحمد (6199)
[3] قال الحافظ في الفتح : رواه إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده عَنْهُ , وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّانَ فِي صَحِيحه
[4] صحيح : رواه أحمد (6631) و(6721) من مسند عبدالله بن عمرو والحديث أصله في البخاري ومسلم وغيرهما كما سبق .
[5]رواه مسلم في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (58) .
[6] حديث صحيح : رواه أحمد (14456) من مسند حابر رضي الله عنه ، والدارمي في الرقاق باب حفظ اللسان (2596)
[7]رواه البخاري في الإيمان باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه (11) ، ومسلم في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل (59) ، والترمذي في صفة القيامة (2428) وفي الإيمان (2552) ، والنسائي في الإيمان وشرائعه (4913) .
[8]صحيح : رواه أحمد (12103) في مسند أنس رضي الله عنه ، وقال الحافظ في الفتح (1/70) : إسناده صحيح : رواه اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك .
[9]رواه الترمذي في الإيمان (2551) وقال حسن صحيح ، والنسائي في الإيمان وشرائعه (4909) ، وأحمد (8575) وصححه الألباني في صحيح الترمذي وصحيح النسائي .
[10]فتح الباري (1/69) باختصار .