شركة طيبة للتجارة والتوزيع
اهلا بك معنا
اذا كانت اول مرة تدخل المنتدى من فضلك سجل معنا لتربح وتستفيد من كل ما هو جديد لدينا
ولفترة محدودة جدا اعلان عن سلعتك او موقعك مجانا معنا
سارع بالتسجيل
وشكرا لكم
شركة طيبة للتجارة والتوزيع
اهلا بك معنا
اذا كانت اول مرة تدخل المنتدى من فضلك سجل معنا لتربح وتستفيد من كل ما هو جديد لدينا
ولفترة محدودة جدا اعلان عن سلعتك او موقعك مجانا معنا
سارع بالتسجيل
وشكرا لكم
شركة طيبة للتجارة والتوزيع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شركة طيبة للتجارة والتوزيع

اول موقع متخصص فى التجارة والتوزيع والاستراد والتصدير والاستثمار فى مصر والعالم العربى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سورة الكهف تفسير , تفسير سورة الكهف لابن كثير , فضل سورة الكهف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هدير حوده




المساهمات : 1000
تاريخ التسجيل : 09/05/2014

سورة الكهف تفسير , تفسير سورة الكهف لابن كثير , فضل سورة الكهف Empty
مُساهمةموضوع: سورة الكهف تفسير , تفسير سورة الكهف لابن كثير , فضل سورة الكهف   سورة الكهف تفسير , تفسير سورة الكهف لابن كثير , فضل سورة الكهف Icon_minitimeالسبت يونيو 14, 2014 1:16 pm

سورة الكهف

[مقدمة]

"ذكر ما ورد في فضلها وأنها عصمة من الدجال"

عن أبي الدرداء، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورةالكهف عصم من الدجال" (رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي)، طريق أخرى: قال الإمام أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من قرأ العشر الأواخر من سورةالكهف عصم من فتنة الدجال". ورواه مسلم أيضاً والنسائي، وفي لفظ النسائي: "من قرأ عشر آيات من الكهف" فذكره. حديث آخر: عن ثوبان، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "من قرأ العشر الأواخر من سورةالكهف فإنه عصمة له من الدجال" (أخرجه النسائي في سننه) .

بسم اللّه الرحمن الرحيم.

1 - الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا

- 2 - قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا

- 3 - ماكثين فيه أبدا

- 4 - وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا

- 5 - ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا قد تقدم في أول التفسير، أنه تعالى يحمد نفسه المقدسة، عند فواتح الأمور وخواتمها على كل حال، وله الحمد في الأولى والآخرة، ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم، محمد صلوات اللّه وسلامه عليه، فإنه أعظم نعمة أنعمها اللّه على أهل الأرض، إذا أخرجهم به من الظلمات إلى النور، حيث جعله كتاباً مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا زيغ، بل يهدي إلى صراط مستقيم، واضحاً بيناً جلياً، نذيراً للكافرين بشيراً للمؤمنين، ولهذا قال: {ولم يجعل له عوجا} أي لم يجعل فيه اعوجاجاً ولا زيغاً ولا ميلاً، بل جعله معتدلاً مستقيماً، ولهذا قال: {قيما} أي مستقيماً، {لينذر بأسا شديدا من لدنه} أي لمن خالفه وكذبه، ولم يؤمن به، ينذره بأساً شديداً عقوبة عاجلة في الدنيا، وآجلة في الأخرى، {من لدنه} أي من عند اللّه، {ويبشر المؤمنين} أي بهذا القرآن، الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح {أن لهم أجرا حسنا} أي مثوبة عند اللّه جميلة، {ماكثين فيه} في ثوابهم عند اللّه، وهو الجنة، خالدين فيه {أبدا} دائماً، لا زوال له ولا انقضاء، وقوله: {وينذر الذين قالوا اتخذ اللّه ولدا} قال ابن إسحاق: وهم مشركو العرب، في قولهم نحن نعبد الملائكة، وهم بنات اللّه {ما لهم به من علم}، أي بهذا القول الذي افتروه وائتفكوه، {ولا لآبائهم} أي لأسلافهم، {كبرت كلمة} كبرت كلمتهم هذه، وفي هذا تبشيع لمقالتهم واستعظام لإفكهم، ولهذا قال: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم} أي ليس لها مستند سوى قولهم ولا دليل عليها إلا

كذبهم وافتراؤهم، ولهذا قال: {إن يقولون إلا كذبا}.

وقد ذكر محمد بن إسحاق في سبب نزول هذه السورة الكريمة عن ابن عباس قال: بعثت قريش (النضر بن الحارث) و (عتبة بن أبي معيط) إلى أحبار يهود بالمدينة:، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة، فسألوا أحبار يهود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا: إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال، فقالوا: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإلا فرجل متقول فتروا فيه رأيكم، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنهم قد كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف، بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل مقتول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم، فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور؛ فأخبروهم بها، فجاءوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: يا محمد! لأخبرنا، فسألوه عما أمروهم به، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أخبركم غداً عما سألتم عنه"، ولم يستثن، فانصرفوا عنه، ومكث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث اللّه له في ذلك وحياً، ولا يأتيه جبريل عليه السلام، حتى أرجف أهل مكة، وقالوا: وعدنا محمد غداً واليوم خمس عشرة، قد أصحبنا فيها لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه، وحتى أحزن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مكث الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة. ثم جاءه جبرائيل عليه السلام من اللّه عزَّ وجلَّ بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وخبر ما سألوه عنه من خبر الفتية والرجل والطواف، وقول اللّه عزَّ وجلَّ {يسألونك عن الروح؟ قل الروح} الآية.

6 - فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا

- 7 - إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا

- 8 - وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا

يقول تعالى مسلياً لرسوله صلوات اللّه وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه، كما قال تعالى: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}، وقال: {ولا تحزن عليهم}، وقال: {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين}، باخع: أي مهلك نفسك بحزنك عليهم، ولهذا قال: {فعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث} (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس، قال: اجتمع عتبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام في نفر من قريش، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه، وإنكارهم ما جاء به من الفضيلة، فأحزنه حزناً شديداً، فأنزل اللّه: {فعلك باخع نفسك على آثارهم} الآية) يعني القرآن، {أسفا} يقول: لا تهلك

نفسك أسفاً، قال قتادة: قاتلٌ نفسك غضباً وحزناً عليهم. وقال مجاهد: جزعاً، والمعنى متقارب أي: لا تأسف عليهم بل أبلغهم رسالة اللّه فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا داراً فانية مزينة بزينة زائلة، وإنما جعلها دار اختيار لا دار قرار، فقال: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لهم لنبلوهم أيهم أحسن عملا}. عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن اللّه مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وذهابها، وخرابها، فقال تعالى: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزا} أي وإنا لمصيّروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار، فنجعل كل شيء عليها هالكاً {صعيدا جرزا} لا ينبت ولا ينتفع به، كما قال ابن عباس: يهلك كل شيء عليها ويبيد، وقال مجاهد {صعيدا جرزا} بلقعاً. وقال قتادة: الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات. وقال ابن زيد: الصعيد الأرض التي ليس فيها شيء، ألا ترى إلى قوله تعالى: أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون}؟.

9 - أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا

- 10 - إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا

- 11 - فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا

- 12 - ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا

هذا إخبار من اللّه تعالى عن قصة أصحاب الكهف {أم حسبت} يعني يا محمد {أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا} أي ليس أمرهم عجيباً في قدرتنا وسلطاننا فإن خلق السماوات والأرض وتسخير الشمس والقمر وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة اللّه تعالى؛ وأنه على ما يشاء قادر، ولا يعجزه شيء - أعجب من أخبار أصحاب الكهف، كما قال مجاهد: قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك، وقال ابن عباس: الذي آتيتك من العلم والسنّة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم، وقال محمد بن إسحاق: ما أظهرت من حججي على العباد أعجب من شأن أصحاب الكهف والرقيم، وأما الكهف: فهو الغار في الجبل، وهو الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون، وأما الرقيم: فقال ابن عباس: هو واد قريب من أيلة. وقال الضحّاك: أما الكهف فهو غار الوادي، والرقيم اسم الوادي، وقال مجاهد: الرقيم كتاب بنيانهم، ويقول بعضهم هو الوادي الذي فيه كهفهم. وقال ابن عباس: الرقيم الجبل الذي فيه الكهف. وقال سعيد بن جبير: الرقيم لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الرقيم الكتاب، ثم قرأ {كتاب مرقوم} وهذا هو الظاهر من الآية وهو اختيار ابن جرير، قال الرقيم بمعنى مرقوم، كما يقال للمقتول قتيل وللمجروح جريح، واللّه أعلم.

وقوله تعالى: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا} يخبر تعالى عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا منهم فلجأوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من اللّه تعالى رحمته ولطفه بهم: {ربنا آتنا من لدنك رحمة} أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا، {وهيئ لنا من أمرنا رشدا} أي اجعل عاقبتنا رشداً، كما جاء في الحديث: "وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشداً". وفي المسند عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يدعو: "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي النار وعذاب الآخرة"، وقوله: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا} أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة {ثم بعثناهم} أي من رقدتهم تلك، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاماً يأكلونه كما سيأتي بيانه وتفصيله، ولهذا قال: {ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين} أي المختلفين فيهم {أحصى لما لبثوا أمدا} قيل: عدداً، وقيل: غاية.

13 - نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى

- 14 - وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا

- 15 - هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا

- 16 - وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا

من ههنا شرع في بسط القصة وشرحها، فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين للّه تعالى ولرسوله صلى اللّه عليه وسلم شباباً. وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شباباً. وقال مجاهد: بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة، يعني الحلق، فألهمهم اللّه رشدهم، وآتاهم تقواهم فآمنوا بربهم، أي اعترفوا له بالوحدانية وشهدوا أنه لا إله إلا هو، {وزدناهم هدى} استدل بهذه الآية وأمثالها على زيادة الإيمان وتفاضله، وأنه يزيد وينقص، ولهذا قال تعالى: {وزدناهم هدى}، كما قال: {والذين اهتدوا زادهم هدى تقواهم}، وقد ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى ابن مريم، واللّه أعلم.

وقوله تعالى: {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض} يقول تعالى: وصبرناهم على مخالفة قومهم، ومفارقة ما كانوا فيه من العيش الرغيد والسعادة والنعمة، فإنه قد ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم، وأنهم خرجوا يوماً في بعض أعياد قومهم، وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون في ظاهر البلد، وكانوا يعبدون الأصنام والطواغيت ويذبحون لها، وكان لها ملك جبار عنيد يقال له (دقيانوس) وكان يأمر الناس بذلك ويحثهم عليه ويدعوهم إليه، فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك وخرج هؤلاء الفتية مع آبائهم وقومهم، ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم، عرفوا أن هذا الذي يصنعه

قومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغي إلا للّه الذي خلق السماوات والأرض؛ فجعل كل واحد منهم يتخلص من قومه وينحاز عنهم، واتخذوا لهم معبداً يعبدون اللّه فيه، فعرف بهم قومهم فوشوا بأمرهم إلى ملكهم، فاستحضرهم بين يديه فسألهم عن أمرهم وما هم عليه، فأجابوه بالحق ودعوه إلى اللّه عزَّ وجلَّ، ولهذا أخبر تعالى عنهم بقوله: {وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها} و"لن" لنفي التأبيد: أي لا يقع منا هذا أبداً لأنا لو فعلنا ذلك لكان باطلاً، ولهذا قال عنهم: {لقد قلنا إذا شططا} أي باطلاً وكذباً وبهتاناً، {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين} أي هلا أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلاً واضحاً صحيحاً، {فمن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا}، يقولون: بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك، فيقال إن ملكهم تهددهم وتوعدهم وأمر بنزع لباسهم عنهم وأجلّهم لينظروا في أمرهم لعلهم يرجعون عن دينهم الذي كانوا عليه، وكان هذا لطف اللّه بهم فإنهم توصلوا إلى الهرب منه والفرار بدينهم من الفتنة، وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفر العبد منهم خوفاً على دينه كما جاء في الحديث: "يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنماً يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن" (الحديث: أخرجه البخاري وأبو داود عن أبي سعيد)، ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ولا تشرع فيما عداها، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع، فلما عزمهم على الذهاب والهرب من قومهم، واختار اللّه تعالى لهم ذلك وأخبر عنهم بذلك في قوله: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا اللّه}: أي وإذا فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير اللّه، ففارقوهم أيضاً بأبدانكم، {فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته}: أي يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم {ويهيىء لكم من أمركم} الذي أنتم فيه، {مرفقا} أي أمراً ترتفقون به، فعند ذلك خرجوا هرباً إلى الكهف، فأووا إليه ففقدهم قومهم من بين أظهرهم وتطلبهم الملك، فيقال إنه لم يظفر بهم، وعمّى اللّه عليه خبرهم كما فعل بنبيّه محمد صلى اللّه عليه وسلم وصاحبه الصدّيق حين لجآ إلى (غار ثور).

17 - وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا

أخبر تعالى أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه {ذات اليمين}، قال ابن عباس {تزاور}: أي تميل، وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص بارتفاعها حتى لا يبقى منه شيء عند الزوال في مثل ذلك المكان، ولهذا قال: {وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال} أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق، فدل على صحة ما قلناه، وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب. وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية الشرق لما دخل إليه منها شيء عند الغروب، ولو كان من ناحية القبلة لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب ولا تزاور الفيء يميناً ولا شمالاً؛ ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع، بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب، فتعين ما ذكرناه وللّه الحمد. وقال ابن عباس ومجاهد: {تقرضهم} تتركهم، وقد أخبر اللّه تعالى بذلك وأراد منا فهمه وتدبره، ولم يخبرنا بمكان هذا الكهف في أي البلاد من الأرض، ولو كان لنا فيه مصلحة دينية لأرشدنا اللّه تعالى ورسوله إليه، فقد قال صلى اللّه عليه وسلم : "ما تركت شيئاً يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أعلمتكم به". فأعلمنا تعالى بصفته ولم يعلمنا بمكانه فقال: {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم}، قال مالك: تميل، {ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه} أي في متسع منه داخلاً، بحيث لا تصيبهم، إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم وثيابهم، قاله ابن عباس، {ذلك من آيات اللّه} حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانهم، ولهذا قال تعالى: {ذلك من آيات اللّه} ثم قال: {من يهد اللّه فهو المهتد} أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم فإنه من هداه اللّه اهتدى، ومن أضله فلا هادي له.

18 - وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا

ذكر أنهم لما ضرب اللّه على آذانهم بالنوم، لم تنطبق أعينهم لئلا يسرع إليهم البلى، وقوله تعالى: {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال}، قال بعض السلف: يقلبون في العام مرتين، قال ابن عباس: لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض، وقوله: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} الوصيد الفناء، وقال ابن عباس: بالباب، قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب، وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم، كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، كما ورد في الصحيح، ولا صورة ولا جنب، وشملت كلبهم بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذه فائدة صحبة الأخيار فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن، وقوله تعالى: {لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا} أي أنه تعالى ألقى عليهم المهابة بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم لما ألبسوا من المهابة والذعر، لئلا يدنو منهم أحد ولا تمسهم يد لامس، حتى يبلغ الكتاب أجله، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، والرحمة الواسعة.

19 - وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق

منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا

- 20 - إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا

يقول تعالى: كما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم، وأشعارهم وأبشارهم، لم يفقدوا من أحوالهم وهيآتهم شيئاً، وذلك بعد ثلثمائة سنة وتسع سنين، ولهذا تساءلوا بينهم {كم لبثتم}؟ أي كم رقدتم؟ {قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم} لأنه كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار، واستيقاظهم كان في آخر نهار، ولهذا استدركوا فقالوا: {أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم} أي أعلم بأمركم، وكأنه حصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم، فاللّه أعلم، ثم عدلوا إلى الأهم في أمرهم إذ ذاك، وهو احتياجهم إلى الطعام والشراب، فقالوا: {فابعثوا أحدكم بورقكم} أي فضتكم هذه، وذلك أنهم كانوا قد استصحبوا معهم دراهم من منازلهم لحاجتهم إليها، فتصدقوا منها وبقي منها؛ فلهذا قالوا {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} أي مدينتكم التي خرجتم منها {فلينظر أيها أزكى طعاما} أي أطيب طعاماً، كقوله: {ما زكى منكم أحد أبداً}، وقوله: {قد أفلح من تزكى}، ومنه الزكاة التي تطيب المال وتطهره. وقوله {وليتلطف} أي في خروجه وإيابه، يقولون وليختف كل ما يقدر عليه، {ولا يشعرن} أي ولا يعلمن {بكم أحدا * إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم} أي إن علموا بمكانكم {يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم} يعنون أصحاب دقيانوس، يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم، فلا يزالون يعذبونكم بأنواع العذاب إلى أن يعيدوكم في ملتهم التي هم عليها أو يموتوا،



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سورة الكهف تفسير , تفسير سورة الكهف لابن كثير , فضل سورة الكهف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعه حديث ضعيف ..
» تفسير سورة الحاقة
» تفسير سورة التين
» تفسير سورة التين
» تفسير سورة الطارق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شركة طيبة للتجارة والتوزيع :: المنتدى الدينى الشامل-
انتقل الى: