الحياة بين الزوجين سرّ إن خرج عنهما تصدّعت الحياة بينهما وكادت أن تنهدم، فلا يخرج سرّكما ولا يعلم عنكما أحد سواء أكان ذلك في وضعكما الأسري أو المادّي أو ما يحدث بينكما داخل بيتكما وغير ذلك، ولا يتدخّل في شئونكما أحد، لأنكما وحدكما من يستطيع حلّ مشاكلكما الخاصة.. ولا تأخذ تجارب الآخرين وتطبقها على زوجتك إلاّ بما كان خيراً، ولا تأخذ هي تجارب النساء الأخريات مع أزواجهنّ وتطبقها عليك إلاّ إن كان خيراً، فإن الطباع تختلف والعادات تختلف والأزمنة والأوقات تختلف وطرق التفكير تختلف والثقافة تختلف وهكذا، فأنت وهي لن يشبهكما أحد.. الإخلاص بين الزوجين هو ركن عظيم من أركان نجاح الحياة الزوجية، ومن تمام إخلاص الرجل للمرأة أن لا يفكّّر في غيرها حتى ولو سرّاً في نفسه، وأن لا يمزح مع أصحابه بأنه يريد أن يتزوج غيرها ، واعلم أنّ المرأة تحرص على تحقيق الأمان الأسريّ، وتسعى لذلك جاهدة، فكُن مُعيناً لها على ذلك، وذلك أنّ الطلاق بيد الزوج وهو وليّ العقد، فاحرص أن تشعرها دائماً بالأمان الأسري، فإنها إن شعرت بذلك الأمان أعطتك حباً بلا حساب كما أنّ الموظف إذا شعر بالأمان الوظيفي فإنه يعطي ربّ العمل من الجهد والإنتاجية الكثير..
كلّ حياة زوجية لا تخلو من بعض الهفوات والمشادّات بين الزوجين، ولكن إذا أردت نصحي فاحرصا جيداً أن لا تناما إلاّ وأنتما متصالحين متحابين وأن تكون شمس كلّ يوم هي بداية حياة جديدة بينكما، وهذا احرصا عليه أشد الحرص كما تحرصا على الصلوات المفروضة..
أشرك زوجتك معك في تنظيم الحياة الخاصة بكما، وأشركها في أمرك، واستشرها في ف***، ولا تقل كما يقول البعض أنّ زوجته عقلها محدود ولا تفكّر بصورة صحيحة، فإنّه هو من جعلها كذلك؛ لأنه لو كان يشركها في أموره ويتيح لها المجال أن تعبّر عن رأيها فإنّ عقلها الذي يزعم أنه محدود سيتطوّر وستتعلّم من خلال ذلك أن تفكّر به وأن تبدع لأنّ الزوج يفتح مدارك زوجته أو يغلقها.. واعلم أنّ الأدوار إذا توزّعت بينكما بالشكل الصحيح فإنّكما ستنجحا في استمرارية الأسرة وبقائها وستصبح أسرة قوية صالحة متماسكة ولها دور عظيم في المجتمع، فالرجل هو من يضع السياسات العليا والمرأة هي التي تدير الشئون بما يتوافق مع سياسات الرجل.. فأنت تفكّّّر في الصورة بشكل كامل، والمرأة تدير الأجزاء التي تكوّن الصورة، أنت من يضع سياسات التربية وهي من يقوم بالتربية من خلال سياستك، فأنت رأس الهرم الذي ينبع منه أفراد الأسرة بكاملهم، وهذا سيتضح لديكما بصورة أكبر عندما تنجبان الأطفال وتبدأ الأسرة في التوسّع..
واعلم يا أخي أن الزوجة أمانة بين يديك فاحفظها واسلك بها سبيل أهل الجنة، وأحسن القول وترقق في الفعل ولا تؤاخذها على كلّ صغيرة بل العفو والتسامح، ولا تطرد أو تضرب أو تهجر أو تحتقر أو تتعالى أو تتهم أو تشك فإنّ كلّ ذلك يهدم الودّ ويقلل الاحترام.. وكما تريد أن ترى منها الأفضل فاحرص كذلك أن لا ترى منك إلاّ الأفضل، وكن معلّماً وقائداً حكيماً حنوناً، وساعدها أن تتعلّم وأهم ما عليها تعلّمه هو ما يقيم أمر دينها فأركان الإسلام وفقه المرأة وقواعد الحلال والحرام وحقوق الزوج، وما يقيم أمر الأسرة كتربية الأطفال وأمور المنزل والإسعافات الأولية وقواعد السلامة وأمور النظافة والتعقيم وغير ذلك، فأنت قيام عليها كربّ أسرة وهي قيام على شئونك وشئون المنزل.. وأوصيكما أن لا تمثلا على بعضكما، بل كونا صريحين مع بعضيكما، فنجاح الحياة الزوجية مبني على الصدق والحوار.. وإياك أن تحرجها،ومجاملة المرأة بالكلام الطيب لك فيه أجر فالكلمة الطيبة صدقة.. وإياك أن تكون أنانياً معها، فهي تهتمّ بك وبأحوالك فاهتمّ أنت بها كذلك وبأحوالها، واسألها عن نفسها وادخل في قلبها وحاول أن تكتشف ما يهمّها وتعرّف على مشاكلها وحاول أن تحلّها لها ولا تشعرها بأنها مقصّرة معك.. وعوّدها دائماً أن تبتسم لك فإنّ البسمة تزيل الهمّ وتصفّي الصدر (إن نظرتَ إليها سرّتك).. إذا لم يعجبك منها تصرف ما فأخبرها به واطلب منها أن تغيّره، وعوّدها كذلك أنها إذا رأت منك تصرّفاً أو سلوكاً لا يعجبها أن تصارحك به واعمل على تغييره..
لن أطيل عليك كثيراً، فالحديث عن أصول الحياة الزوجية كثير، وتجده كلّه في قوله صلى الله عليه وسلّم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)