يومُ عآشورآء
هو اليَومُ العآشرِ من مُحرم ، ومنآسبة صِيآم هذا اليوم :
هو شُكرٌ لله على أن نجَّى مُوسى وقومِه من فِرعونَ وقومِه في يوم العَاشرِ من مُحرم ، وصِيَام هذا اليوم مُستحب ،
وقد صامهُ النبي وصامهُ الصحَابه ، وصامهُ موسى قبلَ ذلكَ شكراً ،
قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في فضَل صِيآم هَذآ اليوم :
( إني أحتسبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبلِه )
وأفضل وأكمل مرآتِب صِيآم يومُ عآشورآء هُو : ﺃﻥ ﻳُﺼﺎﻡ ﻗﺒﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻌﺪﻩ ﻳﻮﻡ*.."
ﻭﻳﻠﻲ ﺫلك: ﺃﻥ ﻳُﺼَﺎﻡ ﺍﻟﺘﺎﺳِﻊ ﻭﺍﻟﻌَﺎﺷِر .."
ﻭﻳﻠﻲ ﺫلك : ﺇﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌَاﺷر ﻭﺣَدﻩ ﺑﺎﻟﺼَياﻡ .."
وصوم عاشوراء وإن لم يعد واجباً فهو مما ينبغي الحرص عليه غاية الحرص، وذلك لما يأتي:
1- صيامه يكفر السنة الماضية: ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله عن صيام عاشوراء فقال:
((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)).
2- تحري الرسول صلى الله عليه وسلم صيام هذا اليوم:
روى ابن عباس قال:
(ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله
على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء)
[البخاري].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ليس ليوم فضل على يوم في الصيام
إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء))
[رواه الطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات].
3- وقوع هذا اليوم في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أفضل الصيام بعد صيام رمضان شهر الله المحرم))
[الترمذي وقال: حديث حسن].
4- كان الصحابة رضي الله عنهم يصوّمون فيه
صبيانهم تعويداً لهم على الفضل،
فعن الربيع بنت معوذ قالت
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار:
((من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم))
قالت: فكنا نصومه بعد ونصوّم صبياننا
ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام
أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. [البخاري:1960].
5- كان بعض السلف يصومون يوم عاشوراء في السفر،
ومنهم ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي والزهري،
وكان الزهري يقول:
(( رمضان له عدة من أيام أخر، وعاشوراء يفوت ))،
ونص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر. [لطائف:121].
أما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر
فهي كما قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ
أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ
صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ
عَلَى الْعَاشِرِ, وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
بِصَوْمٍ, كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ.
الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ
الْهِلالِ, وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ
الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ. انتهى
وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ
بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عَاشُورَاءَ:
( لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ )
. الفتاوى الكبرى ج6
أيها الإخوة والأخوات :
هلموا إلى عبادة الله في هذا الشهر الكريم
كما يحبّ ويرضى، ووفق سنّة النبي
المصطفى صلى الله عليه وسلم،
واحتسبوا وارغبوا في صيام عاشوراء رجاء أن تشملكم رحمة الله ومغفرته، وجددوا لله تعالى التوبة في كل حين.
اللهم تب علينا واعف عنا وتجاوز عن خطيئاتنا،
اللهم اغفر لنا ذنبنا كله، دقه وجله، علانيته وسره،
أوله وآخره، ما علمنا منه وما لم نعلم.
ونسأل الله تعالى أن يهدينا سبل السّلام،
وأن يرزقنا العمل بما يُرضيه، وأن يُعيننا على
ذكره وشكره وحسن عبادته.
إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين