عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجماعة من النساء [ ] فقال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن"، قالت إحداهن: وما نقصان العقل والدين؟! قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان الدين فإن إحداكن تفطر رمضان [ ] وتقيم أيامًا لا تصلي".
إذا النقصان في الدين لدى المرأة [ ] معلوم بأنه الإمساك عن بعض العبادات مثل الصلاة والصوم والطواف بالبيت وقراءة القرآن أثناء فترة الطمث، ولكن ما هو النقصان في العقل؟!
العقل في اللغة هو الضبط والتثبيت، يقال: عَقَلَ الناقة أي ثبتها في مكانها. وعلميًا العقل هو الآلية التي يتم بواسطتها تعامل المخ مع العوامل المحيطة به من الخارج. والكثيرون يعتقدون أن العقل هو المخ وهذا غير صحيح لأن القرآن الكريم [ ] عبر عن المخ بلفظ "القلب" ولم يورد لفظ المخ مطلقًا، قال -تعالى-: {أَفَلَم يَسِيرُوا فِي الأَرضِ فَتَكُونَ لَهُم قُلُوبٌ يَعقِلُونَ بِهَا أَو آذَانٌ يَسمَعُونَ بِهَا}(الحج [ ] ـ 46).
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "التقوى [ ] هاهنا" وأشار إلى صدره، أي منطقة القلب ويبدو والله أعلم وجود علاقة متلازمة بين المخ والقلب [ ] لم يتوصل إليها العلم [ ] إلى الآن.
إذن نقصان العقل لا يعني نقصان المخ، وبالتالي نقصان الذكاء وعدم القدرة على التفكير، وإنما يعني أن هناك تغليبًا للجانب العاطفي الشخصي على التفكير المنطقي الصحيح لبعض القضايا التي تحيط بالمخ في لحظة معينة، ولعل في غيرة أم المؤمنين عائشة [ ] -رضي الله عنها- ما يوضح ذلك عندما دخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وبيده طبق من الحلوى أهدته إياه أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - فرمته السيدة عائشة [ ] على الأرض وهي غضبى، فقال الرسول متبسمًا: "لقد غارت أمكم". فهاهي أم المؤمنين تتصرف في لحظة عاطفة جياشة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأية امرأة تغار على زوجها، وهي التي روت للأمة أكثر من ألفي حديث.